* حنين بقلم الشاعرة مريم كباش
تلوِّح يدي للغياب , وأشدّ قبضتي على الحنين , الشّوق طوفان يجرفني نحو الأمكنة التي احتضنت لقاءاتنا , أضع يدي على قفل الباب , أتذكر كيف كانوا أطفالاً , يهرعون لاحتضاني وعناقي .., يتحلقون حولي , وقد عدت من عملي , منهكة القوى , أصغرهم جلس بحضني , والأوسط عن يميني , والأكبر عن يساري , يحيطون بي كما يحيط السّوار بالمعصم , يمطرونني بالضّحكات , والأسئلة , وعيونهم على محفظة
يدي , والأكياس التي جلبتها معي , ينادونني بغنج : _ ماما ..! ماذا جلبت لنا معك اليوم ؟!
يخرج أصغرهم رسالة من جيبه وقد لفَّها بشريط أحمر جميل , يدفعها نحوي , يقول ببراءة : ماما ! اشتقت لك , كتبت لك رسالة , ورسمتك , هذه أنتِ ملكة , وعلى رأسك تاج الأميرات ... , أفتح رسالته ويغمرني الفرح , أحاول فكَّ طلاسمها , وأتأمل تلك الخطوط الملونة المتشابكة , ويضحك قلبي بملء السّعادة , بيديّ أضمه إلى صدري , وعلى وجهه النّاعم أطبع الكثير من قبلات الحنان , وأهمس له بحبّ : وأنا أحبك ياصغيري , أنت أميري أيضاً ..
عندما فتحت الباب , ألقيت المفتاح على الطاولة , جلست وحيدة على الأريكة الخالية من أحاديثهم , وضحكاتهم , وعناقهم , وصخبهم ... نظرت في أرجاء البيت السّاكت كما القبور , ألقيت برأسي بين كفّي , تركت دموعي تنهمر بحرقة , صرخت بوجع القهر :
_ أين أنتم ؟؟!! تعالوا لتروا ماذا جلبت لكم أمكم !!! وحده الصّدى كان يستمع لهلوستي ويردد بألمٍ متعاطفاً : ليتهم يعودون ... تبت يد الفراق ما أقساها !.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق