الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

غضبة بقلم الكاتبة منى الصراف

غضبة بقلم الكاتبة منى الصراف 




كانت تشعر بالسرور والغبطة حين تركب ذلك الباص الخشبي الذي سار حديثا في شوارع مدينتها ، فهو يبدو كعروس بلمسات جميلة زاهية، كان الناس فرحين به كثيرا .
ولم تنسَ أن تأخذ معها الحلويات وبعض آكلات تبدع في طبخها مثل الفسنجون فهو طعام مكوناته من الدجاج ودبس الرمان والجوز وحلويات اشتهرت بها بيوتاتهم من ( السمسمية والساهون والچقچق قدر والدهين ) لتسعد به أحفادها . 
كانت تلك زيارتها الشهرية المعتاده لابنتها التي تسكن بمدينة أخرى . وعند ودخولها البيت وجدت أن ابنتها بملابس شبه عارية شفافة كأنها غادة هيفاء تسر الناظرين وعيناها تشعان بريقاً وأمامها رجل غريب تسمع حواره وتراقب حركاته بلهفة وأبتسامات متبادلة بينهما ، سقطت سلة حلوياتها أرضاً، أصابها صراع مرير بين الشك واليقين ، تفاجأت البنت بأمها أمامها نهضت لاحتضانها، لكنها تلقت صفعة رنانة على خدها الوردي الغض ، وثورة من غضب أفقدتها السيطرة على نفسها وبصوت مرتجف طلبت من ابنتها تفسيراً لما تراه
اخبريني من هذا الرجل !؟ ردت عليها البنت
- أمي هو ليس رجلاً زادت حدت صوتها
- تبا لكِ كيف لا يكون رجلاً وشاربه يصل الى عنان السماء ، هل من المعقول أن أُكذّب عينيَّ وأصدقكِ !؟ زاد غضبها وعصبيتها وهي تردد انظري إليه إنَّه لا يخجل ولا يرفع عينيه عنكِ. إجابتها ارجوكِ أمي غضبكِ أفقدكِ عقلكِ حجتكِ ليست سليمة صدقيني هو ليس رجلاً. استشاطت غضباً وخرجت من البيت وهي تتوعدها بإبلاغ اخيها الذي يعمل بالقرب من البيت بمحل بقالة صغير ، ذهبت اليه ودمها يغلي في العروق وخفقان شديد في دقات القلب وقدماها ترتجف كأنها سعف نخيل بيوم عاصف . أخبرت أبنها الشاب بما شاهدته من أخته تحول هذا الحمل الوديع الى ذئب مفترس ، حمل بيده قضيباً حديدياً وذهب مسرعاً مع أمه العجوز الى بيت أخته ، دخل الدار وهو يصرخ أين هو هذا الرجل هربت من أمامه وهي ترتجف من شدة الخوف اخبرته ان لا رجل في البيت حاول الإمساك بها ورفع قضيبه الحديدي وأمه تنظر اليه باستغراب فقد كان الرجل أمامه فكيف لا يراه ويستصرخ اين هو ! اخبرته انه امامه نظر الى أمه وأخرى الى شقيقته وسقط القضيب من بين قبضته بعد ان إنهار ارضا وقال لأمه حروف بالكاد خرجت من بين شفتيه المتيبسة - تبا يا أمي هذا ليس رجلاً .. ليس رجلاً بالله عليكِ كنت على وشك قتل أختي ، اصابت أمه الدهشة والاستغراب واخذت تصرخ بصوت عال - من هذا اذن بالله عليكم لقد جعلت من بيت أختك مباحاً لك من هبّ ودبَّ ، سأخرج من الدار لأبلغ اخاك الأكبر بما بدر منك لأنك أصبحت لا تغار على اهل بيتك فلا خير فيك . أخذ ولدها يتوسل إليها بأن تتمهل
- أرجوكِ يا أمي إنَّه والله وبحق الكون ليس رجلاً إنَّه التلفزيون وهذا يسمى مذيع التلفزيون انتظري أرجوكِ .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن خطاب…مشاركتي بتطريز كلمة.. (أشواق)

مشاركتي بتطريز كلمة..   (أشواق) أشتاق للفجر كي أشتمَّ نسمتها  وأرقب الصبح كي أحظى بلقياها  شوقي ديارٌ وما زالت تراسلني  عبر النسيم ونبض القل...