السبت، 3 نوفمبر 2018

أشعلت القنديل // الشعر المتألق // عمر هنداوي

المعلقة

أشعلتُ القنديلَ 
وهيّأتُ الأوراقَ وقلمي ...
في هذي الليلةِ سوف أخطُّ معلَّقتي !
أخرجْتُ الطللَ الدارسَ من ذاكرتي 
واستوقفتُ الأصحابَ وراحلتي ...
هبَّ الكنديُّ*برعدِ الصوتْ :
"يا سارقُ !أتركْ طللي !
لملمتُ وُرَيْقاتي خجلاً !
*** 
قلتُ لنفسي :في عينِ الناسِ 
أنتَ الشاعرُ...
لا بدّ وأنْ تهديهمْ في هذا اليومِ قصيدتَكَ !
أبصرتُ المجنونَ ينامُ على أعتابِ حبيبتهِ
قلتُ أنادي ليلى وأغازلها 
علّي أحظى بقصيدة حبٍّ للجمهور 
جمهوري الغالي !
صرَّ القلمُ بحرفِ اللامِ الأوّلْ...
فانتفضَ المجنونُ كئيبًا محْمَرَّ العينينْ :
"يا خائنُ ! تأْخُذُ مَنْ سلبتني عقلي 
لتبيعَ النّاسَ غرامًا !"
*** 
ومضى ثلثُ الليلِ وما زلتُ أعاني
لا بدّ لهذا الشاعرِ أنْ يكتبَ 
أو يُنْفى من مملكةِ الشعرِ...
أحضرْتُ الكأسَ وقلتُ :
لو كانت ملئى بالخمرِ 
كيفَ يكونُ اللونُ ، الرئحةُ ، الطعمُ 
من هذا سأنمنمُ شعري !
لكنّي ما أنْ أمسكتُ بقلمي 
حتّى انقضَّ عليَّ الحكميُّ 
أخذَ القلمَ ونظرَ إلَيَّ بغضبٍ ، عطفٍ ، إشفاقٍ 
"يا كاذبُ ! لا يصفُ الخمرةَ إلاّ مَنْ شرِبَ وأكثرْ "
*** 
قلتُ لنفسي : لم يبقَ أمامكَ إلاّ الفخرْ !
أدْلِ بدلْوِكَ في هذي البئر ْ...
إنّكَ من قومٍ حينَ أفاقوا ، سمعوا 
صوتَ بلالِ الحبشيِّ ، انطلقوا لا يلوون على شيءْ ...
سمعَ المتنبّي إسمَ العربِ 
فألَّبَ كلَّ قبائلِهِ ...
أشعلَ نارَ الحربِ 
وقالَ بصوتٍ إعصاريٍّ :" جاءَ نبي !
لَمْلِمْ أوراقَكَ وارْحلْ !
لسْتَ من العربِ !" 
*** 
لاحَ الفجرُ ...وقلتُ :" لنْ أكتُبَ بعدَ اليوم ْ!"
وإذا بالشيخِ العائدِ من مسجدِهِ 
وأنا قد ظهرَ على وجهي جوعٌ للنومْ 
يبتسمُ إليَّ :" يا ولدي ! 
أنتَ تُرَوّي ما زرعَ النّاسُ !
أوْقِدْ نارَكَ واصنعْ محراثَكَ 
فالزارعُ لا بدّ وأنْ يحصدَ شوكًا 
أو عِنَبًا " 

عمر هنداوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن خطاب…مشاركتي بتطريز كلمة.. (أشواق)

مشاركتي بتطريز كلمة..   (أشواق) أشتاق للفجر كي أشتمَّ نسمتها  وأرقب الصبح كي أحظى بلقياها  شوقي ديارٌ وما زالت تراسلني  عبر النسيم ونبض القل...