الثلاثاء، 5 فبراير 2019

قصة قصيرة (الوفاء) // بقلم الأديبة المبدعة // غنوة درويش

قصة قصيرة
(الوفاء)

كانت الشمس تحاول مهذبة دخول غرفته، دون أن تكترث بالفوضى المتراكمة -منذ أعلن الفرح رحيله عنها- لتعلن وصوت المنبه بداية يوم جديد.
نهض من فراشه متجهاً نحو المرآة يتحسس وجهه الأسمر المتعب، وعينيه البنيتين المتورمتين ، جاهداً بكل ماأوتي من قوة وأد عبراته المولودة في أغوار قلبه.
دخل المطبخ يعد قهوته ، ومع كل رشفة يستحضر بشغف بعضاً من لحظات كانت بينهما.
فتح خزانته يقلب مااحتوته من ثياب ، فاختار القميص الأزرق الذي ابتاعته له ذات لقاء عمل كفأل خير ، محدثاً نفسه :" أظنه مع البنطال الرمادي سيبدو لائقاً".
نزل من المبنى ورائحة العطر المفضلة لها تفوح في الأرجاء معلنة أن موعداً سرمدياً يلوح في الأفق.
وجهته الثانوية كانت محل الأزهار المقابل لحديقة تكتظ بالعشاق هذا الصباح ، وماإن ألقى السلام على صاحبه - الذي بدا منهمكاً تماماً بتغليف الأزهار المزدانة بخيلاء في كافة أركان المكان - حتى ابتسم له ابتسامة عريضة محضراً باقة توليب مزينة بشريط لامع تتوسطه بطاقة.
خرج مسرعاً غير آبه بجمال الشوارع التي أعلن فيها اللون الأحمر سيادته في هذا اليوم الاستثنائي .
أخذ يحث الخطا رغم تعفرها بغبار الأيام القاسية ، وهمه الوصول إلى حيث ترقد ، وأمام رفاتها جلس مبعثر الأفكار ، مختنق الأنفاس،  مرتبكاً ، قد خانته الحروف ، فأخذ يتمتم بكلمات ممزوجة دمعاً حيناً وابتسامة حزينة أحياناً أخرى، لكنها استطاعت أن تعطي المكان حياة ولو للحظات.
وعندما حان رحيله وغروب الشمس ، مضى بخطوات متثاقلة ، متلاشياً مع ألوان الكون ، تاركاً خلفه باقة توليب وبطاقة كتب عليها : "عيني تشتاقك والروح"

غنوة درويش /سوريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن خطاب…مشاركتي بتطريز كلمة.. (أشواق)

مشاركتي بتطريز كلمة..   (أشواق) أشتاق للفجر كي أشتمَّ نسمتها  وأرقب الصبح كي أحظى بلقياها  شوقي ديارٌ وما زالت تراسلني  عبر النسيم ونبض القل...