الخميس، 7 فبراير 2019

عرس الطبيعة // بقلم الشاعرة الرائعة // م.فاتنة فارس

الفاتنه ✒عُرسُ الطَّبيعةِ

عندما تتساقطُ أوراقُ الخريفِ على بابِ الشِّتاءِ مُوَدِّعةً
تنحنيْ بخجلٍ و يحضنُ كفوفَ أُنُوثتِهِنَّ في حفيفِ الصَّمتِ .
فاكهةُ كلامِهِنَّ وأغصانُ ثيابِهنَّ المعلقةِ تدمعُ بالوداعِ .
 يرفعُ سُورُ الحديقةِ عينَهُ في نظرةٍ أخيرةٍ يُلوِّحُ برموشِهِ  لِحلمِ ثمرةِ اليقينِ الموسميَّةِ .

في هالةٍ منَ الشُّموخِ على الرّغمِ منَ التَّساقُطِ إلَّا أنَّها فترةُ استراحةِ مُحاربٍ بعدَ معركةٍ مُضنيةٍ تاهَ ما بينَ الفوزِ والخسارةِ علي شفره
الوجودِ و اللا وجودِ ،  وهكذا الحياةُ فصولٌ مُتفاوِتةٌ .. فرحٌ و ترحٌ .. دمعةٌ و ابتسامةٌ .. لقاءٌ و وداعٌ .. ضبابٌ سرمديٌّ يغمرُ سنا البرقِ اللَّيليِّ .

ها هوَ العشبُ يُنذرُ بالانطفاءِ .. يصفرُّ الأديمُ .. كلُّ شيءٍ يُوَدِّعُ كيانَهُ .
سيِّدي الخريفُ الجميلُ يُعلنُ نصفَ حياته .. ستُحيطُ الأشجارُ الفتيَّةُ
بأسرارِنا براعمَ خضراءَ تلبسُ نفنافَ الطُّهرِ المهيمنِ و تختفي الجبالُ
في رخامِ المرمرِ كنومٍ صافٍ .. يخبوْ الصَّخبُ مفجوعاً بشجيراتٍ عاريةٍ...تخجلُ الشَّرنقةُ فتُدثِّرُها أوراقُ التُّوتِ في انتظارِ معشوقِها الرَّبيعِ .

عندَها تدِبُّ الحياةُ مُعلِنةً صرخةَ ولادةٍ جديدةٍ منْ قلبِ الصَّخرِ .. تنبتُ وردةُ عروسٍ تُكلِّلها ديباجةُ الكونِ .. تنفضُ عنها غبارَ السُّبات القسريِّ وتدِبُّ الحياةُ في جذورِ الأملِ وتزهوْ بريشةٍ إلهيَّةٍ تُمجِّدُ الخالقَ سبحانَهُ ..
تخرجُ الفراشةُ من قوقعتِها .. تفردُ ظِلَّها على الحقولِ الَّتي تنشدُ
حصادَ الخيرِ الأبيضِ فما أعظمَ الباريَ وما أبهى ما وهبَ .

عندما تهطُلُ دموعُ النَّدى و خلْفَ كلِّ دمعةٍ بسمةٌ تُضيءُ الكونَ .. تفيضُ الرُّوحُ رافعةً يديها مُلوِّحةً بشالِ العطاءِ تعشوْشِبُ الجُدرانُ
و تنزِعُ ثوبَها الأبيضَ و تلبَسُ عباءةً تجمهرَتِ الألوانُ فيها ..
تصحوْ الشَّمسُ من غفوتِها و تكشِفُ عن وجهِها نقابَ اللَّيلِ الدَّامسِ ..
تُتَوِّجُ الجبالُ والحقولُ بأشعَّتِها الذَّهبيَّةِ المُتراقِصةِ تيجاناً زُمرُّديِّةً
كهرمانيّّةً تسلبُ الألبابَ .. تتألَّقُ عناقيدُ الدَّوالي و تعزفُ حناجرُ العصافيرِ أعذبَ أغنيةٍ .. ألطفَ رفةِ جناحٍ على وترِ خريرِ السَّواقيْ .. و الأنهارُ المُنسابةُ تطبعُ قبلاتٍ ضوئيةً على خدِّ حُوريَّاتٍ اسْتكانَتْ على أَسِرَّةٍ مرجانيَّةٍ ..
تبدأُ أهازيجُ شَجَراتِ اللَّوزِ أنَّةَ العُرسِ المنْشودِ عرسِ الطَّبيعةِ الغَنَّاءِ
الحسناءِ ...الله ما أروعَ ماْ لكِ منَ الحُسْنِ .

بقلمي م . فاتنة فارس .( لبنان )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن خطاب…مشاركتي بتطريز كلمة.. (أشواق)

مشاركتي بتطريز كلمة..   (أشواق) أشتاق للفجر كي أشتمَّ نسمتها  وأرقب الصبح كي أحظى بلقياها  شوقي ديارٌ وما زالت تراسلني  عبر النسيم ونبض القل...