الأربعاء، 6 مارس 2019

خَواطِرُ مُعَلِّمٍ مُتَقاعد// بقلم الشاعر السامق // حسن علي محمود الكوفحي

*** خَواطِرُ مُعَلِّمٍ مُتَقاعد ... *** الكامل ***
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عُمْرٌ كَطَيْرٍ رَاحَ عَنَّا يَبْعُدُ
عُرْجُونُ نَخْلٍ قَدْ تَقادَمَ يَسْجُدُ
غُصْنٌ عَلَى دَوْحِ الْحَياةِ لَقَدْ ذَوَى
والنَّارُ في عَبَراتِهِ تَتَوَرَّدُ
وَنَأى وَكانَ بِنَأْيِهِ مُتَعَجِّلاً
في غَفْلَةٍ نَحْيا وَفِيها نَرْقُدُ
دُنْيا كَغِرْبالٍ يَهُزُّ بُذُورَهُ
كَالزَّرْعِ أرْواحَاً لَنا تُسْتَحْصَدُ
تَعَبٌ يَخُطُّ رُسُومَهُ بِوُجُوهِنا
وَالْجِسْمُ مَطْعَمَةٌ لِغازٍ يَحْقِدُ
هذا الزَّمانُ بِجِسْمِنا مُتَغَلْغِلٌ
وَعَلَى أنِينٍ لِلْقُلُوبِ يُغَرِّدُ
إنِّي عَلَى وَجَعِ الْأحِبَّةِ مُدْمِنٌ
وَخلِيقَتِي مَهْمَا أجِدْ أتَجَلَّدُ
وَمَلَأْتَ ثَغْرَاً لِلصَّباحِ تَبَسُّمَاً
وَهُمُومُ دُنْيا بالْحَشَا تَتَوَقَّدُ
وَيَرَى الْغَشِيمُ عَلَيْكَ كُلَّ نَضارَةٍ
كالرَّوْضِ في أنْدائِهِ يَتَوَلَّدُ
يَكْفِيكَ أنَّكَ في الْحَياةِ كَعاشِقٍ
كانَ الْوُجُودُ بِنَبْضِهِ يَتَجَدَّدُ
يَكْفِيكَ أنَّكَ لِلْعُقُولِ مُجَدِّدٌ
وَعَلَى يَدَيْكَ دُروبُ جَهْلٍ تـُوصَدُ
يَكْفِيكَ أنَّكَ في الْحَياةِ مُجاهِدٌ
لَصِعابِها بِالصَّبْرِ كُنْتَ تُمَهِّدُ
وَمُعَلِّمٍ حَمَلَ الْبَرَاءَةَ قَلْبُهُ
فَلَذاتُ أكْبادٍ بِحُبٍّ تَرْفِدُ
وَمُعَلِّمٍ طَبْعُ الْبَرَاعِمِ رُوحُهُ
في جِدِّهِ وَمُزَاحِهِ يَتَوَدَّدُ
طَبْعُ الْكِبارِ يَفِيضُ مِنْ أخْلاقِهِ
وَعَلَى يَدَيْهِ خَيالُهُمْ يَتَوَحَّدُ
وَغَرَسْتَ نُورَكَ فِيهِمُ مُتَوَكِّلاً
وَإذا الرُّجُولَةُ تَرْتَوِي تَتَعَمَّدُ
ألْقَيْتَ في مُهَجِ الطُّفُولَةِ عِزَّةً
حَتَّى غَدَتْ أفْياؤها تَتَمَدَّدُ
ما بالُ طَيْرِكَ كُلَّما عَلَّمْتَها
بِبَساطَةٍ أضْحَتْ لِفَضْلِكَ تَجْحَدُ
قَلْبِي عَلَى شِبْلِ الْحَدائِقِ كُلِّها
لَمَّا رَأيْتُ أُسُودَها تَتَبَلَّدُ
هَلْ غادَرَ الْأخْيارُ رَوْضَ عَرِينِهِمْ
حَتَّى بِها ماءُ الْفَضِيلَةِ يَجْمَدُ
أمْ أنَّ أفْئِدَةً غَوَتْ في وَعْيِها
وَبِذا تُعاقِبُ نَفْسَها إذْ تَجْلِدُ
مُتَقاعِدٌ مَلَأَ الْفَضاءَ عَبِيرُهُ
بِفُؤادِهِ مَعْنَى الْعَطا يَتَفَرَّدُ
في نَوْمِهِ في صَحْوِهِ مُتَقَلِّبٌ
عُمْرٌ كَغَيْمٍ جَمْرُهُ يَتَلَبَّدُ
صُوَرٌ كَأمْطارِ الصَّحارَى هَطْلُها
وَبُرُوقُها تَغْزُو كِيانَاً تُرْعِدُ
وَمُتَيَّمٍ بِضَجِيجِها وَهُدُوئِها
حَتَّى غَدَتْ مِنْهُ الْقِوى لا تَصْمُدُ
عُجِنَ الْمُعَلِّمُ في هَوَى طُلَّابِهِ
وَعُيُونُهُمْ لِحَراكِهِ تَتَرَصَّدُ
وَتَرَى الْمُؤَدَّبَ فِيهِمُ مُتَذَمِّراً
وَفِعالُهُ كانَتْ عَلَيْهِ تَشْهَدُ
وَمَدارِسِ كَمَساجِدٍ إنْ تَفْقَهُوا
أَيَصِحُّ فيها لِلْجَهُولِ يُعَرْبِدُ
وَوَظائِفٍ فيها الْحُدُودُ مُهابَةٌ
وَمَدارِسٍ فيها الْحُدُودُ تُبَدَّدُ
كُلُّ الْفِعالِ أُجُورُها قَدْ تَنْتَهِي
إلَّا الْعُلُومَ أُجُورُها لا تَنْفَدُ
وَرِثَ الْمُعَلِّمُ مِهْنَةً لِجُدُودِهِ
وَجُدُودُهُ لِلْعالَمِينَ تَسَيَّدُوا
وَبِلادُنا إنْ لِلْعُلا تَبْغِ السُّرَى
فَعَلَى خُطاهُ مَصِيرُها يَتَحَدَّدُ
هذا الْمُؤَكَّدُ دُونَ شَكٍّ عِنْدَنا
والشَّكُّ في أهْل الْقَرارِ مُؤَكَّدُ
ما دامَ في ذَيْلِ الْحَياةِ مَكانُهُ
إنَّا لِغَيْرِ جَهَنَّمٍ لا نَقْصِدُ
وَإذا الْجَهالَةُ في الشُّعُوبِ تّمَكَّنَتْ
مَلَكَ الْبِلادَ إذاً زَعِيمٌ أوْحَدو
وَغَدَتْ تُسامُ على يَدَيْ أوْلادِها
ألوان قَهْرٍ والطُّغاةُ تُخَلَّدُ
سَلِّمْ على التَّعْلِيمِ في أقْطارِنا
فَالْجَهْلُ حُرٌّ والْعُقُولُ تُقَيَّدُ
إنَّ الْحَقِيقَةَ مُرَّةٌ لِأولِي النُّهى
لكِنَّها لِذَوِي الْجَهالَةِ تُسْعِدُ
للهِ يا زَمَنَ الْكَتاتِيبِ الْعُلا
عَرَبِيَّةٌ في دِينِها تَتَقَيَّدُ
رُدُّوا الْأمُورَ لِأصْلِها تَتَقَدَّمُوا
فَالشَّكْلُ في مَضْمُونِهِ مُتَوَحِّدُ
إنِّي على سَنَنِ الْجُدُودِ لَسائِرٌ
فَالْجَهْلُ باسْمِ الْعِلْمِ صارَ يُمَجَّدُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي / حسن علي محمود الكوفحي .. الأردن / إربد
*** الأحد *** 2019 ***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن خطاب…مشاركتي بتطريز كلمة.. (أشواق)

مشاركتي بتطريز كلمة..   (أشواق) أشتاق للفجر كي أشتمَّ نسمتها  وأرقب الصبح كي أحظى بلقياها  شوقي ديارٌ وما زالت تراسلني  عبر النسيم ونبض القل...