((... تبرُّؤ...)) بقلم الشاعر عبدالرزاق محمد الأشقر
هوَ الدَّهرُ لا خلٌّ يدومُ و لا أهلُ
و لا يرتجى ممّا يفوتُ لهُ وصلُ
تباعدتِ الأيَّامُ ذكرى تلوكها
وتجترُّها الأوهامُ، مامضغُها سهلُ
وقفْتُ بنارِ البعدِ، عيناي لا ترى
أصابهما شيئانِ ، أحلاهما سَمْلُ
فقدْ رامَني وصلانِ وصلٌ لبلدتي
و وصلٌ شجيُّ الآهِ دمْعاتُهُ مُهْلُ
و حدَّثَني الرُّكبانُ مرَّوا بقريتي
حديثاًيصيخُ السَّمعُ والقلبُ والعقلُ
فقالوا كلاماً قدْ نزفْتُ لذكرِهِ
دماءً تخدُّ الأرضَ مايفعلُ السَّيلُ
كأنَّ دموعَ العينِ موجٌ تزاحمتْ
عليهِ رياحٌ لا تروقُ و لا تحلو
زجرْتُ دموعَ العينِ لكنَّها أبَتْ
فقلتُ : أمَا و اللَّهِ زهرٌ و لا نحلُ
و قدْ ينزفُ الإنسانُ منْ عمرِهِ الهوى
و قدْ يطمعُ الخلّانُ و النَّزفُ لا يبلو
تزيَّا علينا الموتُ في كلِّ صبغةٍ
ولمّا ألفْنا الموتَ أصحابُنا ولّوا
و إنَّ بلاداً لا يرامُ وصالُها
، كمثلِ بلادي، لا يرادُ لها حلُّ
تكالبتِ الدُّنيا علينا كأنَّنا
فريسةُ صيّادٍ تمادى بهِ الحبلُ
فلا صحبُنا صحبٌ و ليسوا أحبَّةً
و لا أهلُنا أهلٌ و لا خلُّنا خلُّ
تباعدتِ الأنسابُ منَّا سحابةً
و غامَ عليها الصُّبحُ والبارقُ الوبلُ
تسامى عليها الجرحُ يحسب أنَّهُ
يضمِّدُ بالأحقادِ ما مثلُهُ السلُّ
يهونُ علينا القتلُ إمَّا تروننا
و تصعقُنا الغاياتُ ما مثلُها القتلُ
يظلُّ احترافُ الموتِ سهلاً بمثلِنا
و لكنَّهُ ظمآنُ لمْ يروهِ النَّهلْ
عجبْتُ لباغي الشَّرِّ كيفَ يدوسُنا
فلا نحنُ أقزامٌ و لا أهلُنا نملُ
و لكنَّهُ الطُّغيانُ فيهِ تعملقوا
فراودَهمْ تاجٌ يحفُّ بهِ النُّعلُ
تقلّدَ سرجَ الظَّلمِ ظنّاً بأنَّهُ
أصيلٌ لديهِ الخيلُ لكنَّهُ بغلُ
و أمطرَتِ الدُّنيا علينا بحقدِها
و نحنُ سراةُ النّاسِ ما همَّنا الغِّلُّ
و إنّ لنا في الشّامِ عزًّا و سطوةً
إذا انكسرَتْ نصلٌ فنحن لها نصلُ
أبقنا من الدُّنيا و منْ لهوهِا بنا
فغيّرت الأعمارَ إذْ طفلُنا كهلُ
عليكِ سلامُ اللَّهِ يا شامَنا التي
إذا سطعَتْ شمسٌ فإنَّا لها ظلُّ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق