الأربعاء، 11 سبتمبر 2019

أوجــاع تــنام فــي الــدم // بقلم الأديب المبدع // د. المفرجي الحسيني

أوجــاع تــنام فــي الــدم
---------------------------
العشب والأغصان اليابسة تتكسر تحت قدميه، زوجته تدب بسكون خلفه، يلوي رأسه الى الخلف في فترات ينظر إليها، قطرات الندى الليلي تناثرت على وجهها وضفائرها، وقع خطواتها يتناغم مع دقات قلبه بشكل متواصل وغريب، وهما يدلهمان في ممر شريطي طويل بين الصخور، يمتد مع النهر ليعانق ربوة في الأفق، مخترقاً الغابة الكثيفة الأشجار حتى نهايتها، ظلام دامس وطريق طويل ملتوٍ ضيق عبر التل، يتلوى معه الظلام مع ظلال الأشجار،  تتلون أوراق الأشجار بلون دموي بلون القمر المتأخر الظهور، وجهها يلامس الأغصان الدموية المبللة بالندى، كأنها في نهر تلألأت موجاته ضوء القمر وسط الليل ، تذوي من الإرهاق والألم كما يذوي عود الثقاب المشتعل،  احتضنها برفق عيناها ذابلتين مدمعين، قدماها لا تقويان على حملها، توسلت إليه أن يتركها هنا في الغابة،  لم يحتمل دموعها حملها ، راح يتقدم بين الصخور، قالت له بتوسل أنزلني لنستريح قليلاً،  يسير ببطء والنهر يفترش الوادي، يستمع إلى ارتطام الماء بالصخور، ووقع قدميه على الحشائش،  تمسك بكلتا يديها برقبته
أحس بقطرات عرق تنبت على جبهته، صاحت متألمة، نظر من بعيد لأكواخ القرية والنار تعج،  لقد أحرقها الجنود، أنها الحرب ، إبادة جماعية للإنسان والحيوان، تلوح له وجوه القتلى والدم يغطي كل شيء، حتى عيون القتلى الجاحظة التي تنظر في الفراغ، شعر أن أوجاعها تنام في دمائه، سمع وقع أنفاسها لفَّ ذراعيها حولها ، أنسل في عتمة الماء رافعاً المرأة إلى الأعلى، جريان الماء سريعاً ، أقترب من حافة الجرف أعشاب نامية ،  تمسكت بها ورفعت جسمها،  دفعه الماء إلى الداخل بعيداً عنها، قذفه بعيداً وأرغمه على الهبوط، ارتطم رأسه بالصخور الناتئة  ، أخذ يضعف تدريجياً وانهارت قواه...
**********
د. المفرجي الحسيني
اوجاع تنام في الدم
العراق/ بغداد
11/9/2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حسن خطاب…مشاركتي بتطريز كلمة.. (أشواق)

مشاركتي بتطريز كلمة..   (أشواق) أشتاق للفجر كي أشتمَّ نسمتها  وأرقب الصبح كي أحظى بلقياها  شوقي ديارٌ وما زالت تراسلني  عبر النسيم ونبض القل...