قصيدة نظمتها من عشرين عاماً تقريباً
قد رابني من زفير الحب كتمان
وعادني بعد طول النأي تحنان
بنت الهوى هل ثوى في داركم ملك
وزاركم من قديم العهد رهبان
في كل دير كؤوس الحب مترعة
في كل وجد من التهتان تبيان
سلي رسول الهوى يا بنته شغفاً
هل الأحبة هم باقون أم بانوا
هذا رسولي أتاكم كي يبلّغكم
من بعد ما قرّ بالأرواح سلوان
ستٌ مررت من الليلات خالية
وزادها زادها هجر وحرمان
في كل يوم أرى الآماق موجدة
النار في كبدي والدمع هتّان
يسح من مقلة كالمزن طافحة
بالماء يروى بها لا ريب ظمآن
أنىّ لصدر تشبّ النار موقدة
به فأنّى له من ذاك ندمان
وقودها من حطام القلب مقتطع
قد صُبّ من فوقها زيت وقطران
فكلما آذنت أن تنطفي أبداً
سرعان ما زُجّ بالنيران أغصان
اللهَ هل في رحاب القلب مدّكر
اللهَ هل زاركم من قبلُ ركبان
جازوا الفيافي وحلّوا مذ تفرقنا
هل ناشدت ربها بالقفر ورقان
تبكي بكاءً حرور الدمع منهملاً
قد زخرفت حولها بالسجن قضبان
هذا وحالي سواء مذ تفرقنا
لا العيش عيش ولا الأقران أقران
ولا المودة قد صينت شعا ئرها
ولا الحجيج دنوا حباً ولا دانوا
أقضي الليالي وشمس الوجد ثاوية
وقد أتاها من الإشفاق أظعان
يحدو بها حاديَ الأشواق منقضباً
تخبّ في سيرها والشوق صنوان
صنو يقود إلى الأجداث صاحبه
أمّا الذي حافز للقرب صفوان
ياليت شعري وهذا الدهر يقصمني
وإنني من هوى الأحباب حيران
فلو وزنت لهم حبي بما زانوا
لم يجرِ نهر على حافاته البان
ولا اشرأبّ وليد النبت في فَنَنٍ
ولا تمطّى متون البحر ربّان
ولا أطلت علينا الشمس مشرقة
ولا تلألأ في الأسماط مرجان
لكنني لا أزيد الهول معضلة
لو هيئت لي من الآجال أكفان
لله اشكو صنيع الحب محتسباً
جفوَ الأحبة والآماق ألوان
لونٌ إذا ماالهوى غارت فراقده
في خدره واستوى شرٌّ وإحسان
او غاب عن محشر الأحباب مفتقر
عطف القلوب وفي الآذان كتان
صمّت عن السمع حتى قفّلت فعفت
كأنها من صميم الأرض صوّان
ماذا أعدّ من الألوان ما صبغت
شيئاً وإلا لهذا العبد ذا شان
بربكم هل دها مثلي الهوى أحداً
لم يلقَ مثل الذي لاقيت إنسان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق